Seffain and Arbitration Between Sectarian Ideology and Historical Realism صفين والتحکيم بين الأيديولوجية المذهبية والواقعية التاريخية

Document Type : Original Article

Author

History Dept., Faculty of Arts, Kuwait University, Kuwait

Abstract

مهمة البحث عن الحقائق المجردة في التاريخ الإسلامي، لا تنطلق من النتائج لتبحث عما يؤيدها، بل تنطلق من المقدمات التي يؤيدها البحث المشروع عن الحقائق، وذلک عبر إعادة النظر في شروط الرصد والتدوين والنص والرواية.
ولا شک أن منهج البحث التاريخي في تناوله لأي موضـوع إشکالي، يتطلب تقييماً موضوعياً وتفکيکاً مقارناً للروايات والنصوص المدونة والمنقولة، ومن هنا تحديداً يمکننا أن نفهم کيف تحرک المؤرخون، وما هي أسباب ومبررات إظهار نص على آخر أو رواية على أخرى خاصة ما يتعلق منها بالديني والسياسي.
وعليه، تأتي هذه الدراسة لکي تعالج في جزء منها إشکالية أسباب إعادة المؤرخين إنتاج وقعة صفين والقبول بالتحکيم، وتشکيلها في ثنايا النصوص المدونة طبقاً لشروط ودوافع تختلف عن شروط ودوافع تکونها الحقيقي، في محاولة لاستکشاف مدى دقة وسلامة القدرة لدي المؤرخين لاستخدام النص والرواية في صورتها الواقعية بعيداً عن تحکم قضية الديني والسياسي.
ولا شک أن السرد التاريخي الإسلامي في المصادر المتقدمة لأحداث وقعة صفين (الفتنة الکبرى) والتحکيم ، لم يکن توصيفاُ دقيقاً للحقيقة المطلقة، قدر ما کان رصداً للواقع العسکري والسياسي لمعسکريّ العراق والشام ، بحسب وجهة نظر وميل کل مؤرخ ، حيث نزعم أن الرصد التاريخي اللاحق للمعرکة وللمفاوضات ولواقعة التحکيم ، جاء انعکاساً لسنوات طويلة من التجاذبات المغزاة أيديولوجيا وسياسياُ بدوافع مختلفة ومتشابکة صنعها الرواة والمؤرخون ، مما أنتج لنا في النهاية مشهداً دعائياً تم توظيفه لإنهاء الملحمة الأکثر دموية في تاريخ الحروب الأهلية الإسلامية المبکرة والتي راح ضحيتها في تقديرات بعض المؤرخين ما يجاوز سبعين ألفًا، ولفهم طبيعة هذا الدور کان عدم التقيد بترتيب الروايات من الأقدم إلى الأحدث أمراً يفرضه الواقع ، وحتى لا نخضع بشکل مباشر بالرؤية والتفسير التقليدي للواقعة.
کذلک تطرح الدراسة تساؤلها، هل تم استخدام الخوارج کأحد أدوات الصراع والدعاية التي وظفت من قبل طرفي الصراع لتسويغ المبررات فيما بعد للقبول بنتائج المعرکة، حيث أننا نجد أن عملية التحکيم في النهاية أفرزت وضعاً جديداً للصراع والانقسامات المذهبية، وغيرت "لاحقاً" قواعد اللعبة السياسية والتاريخية بين المتصارعين، فما بين (الخاسر المنتصر) الذي لم يخضع ولم يغلب معاوية، و(الفائز المنهزم) الذي لم يحقق أهدافه الإمام عليّ، والناقم على الفريقين الخوارج سيدور الصراع.

Keywords