The Italian Campaign against Al-Mahdia in Tunisia in 481 AH / 1087 CE: a Case of Conflict and the Requirement for Dialogue الحملة الإيطالية على مدينة المهدية في تونس سنة 481هـ/1087م: دعوى الصراع ومقتضى الحوار

Document Type : Original Article

Author

Faculty of Arts, University of Jazan, Jazan, Saudi Arabia

Abstract

   شهد التاريخ الوسيط صراعًا طويلاً ومريرًا بين العالمين الأوربي والإسلامي، وکان هذا الصراع في جوهره دينيًا وإن اتخذ علي طول وتعدد مراحله أثوابًا مختلفة. وکان حوض البحر المتوسط حلقة من حلقات هذا الصراع إذ استولي المسلمون إبان حرکة الفتوح بين القرنين الأول والرابع الهجريين (السابع والعاشر الميلاديين) علي جزيرة قبرص، ثم فتحوا إسبانيا، واقتحموا البحرين الأدرياتيکي والتيراني، وصارت في أيديهم جزر البليار وکورسيکا وسردينيا وکريت وصقلية، وفرضوا سيطرتهم علي معظم السواحل الأوربية، حتى صار البحر المتوسط في القرن الرابع الهجري (العاشر الميلادي) تقريبًا بحرًا إسلاميًا بعد أن کان رومانيًا.
   وجاء بعد ذلک المسلمون السلاجقة مهددين القسم الشرقي من أوربا، والحقوا الهزيمة بالجيوش البيزنطية في موقعة مانزکرت سنة 463ه/ 1071م حيث باتوا بعدها على مشارف القسطنطينية. کان الميزان السياسي والتجاري في البحر المتوسط - والحال کذلک- يميل لصالح المسلمين.
   هبت أوربا من أقصاها إلى أقصاها لتواجه هذا التحدي، وجاء دورها في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي لمواجهة العالم الإسلامي الذي غلب عليه الضعف، خصوصًا القسم الغربي منه الذي صار ممزق الأوصال معدوم الترابط، کل قطر من أقطاره لديه من المشاکل ما يکفيه. وهذا ما کانت تنتظره القوي الأوربية لبدء هجومها الصليبي الکبير، ردًا منها على حرکة الفتوحات الإسلامية.     
   لقد غلبت على أوربا مشاعر التعصب والکراهية نحو العالم الإسلامي، وشهد القرن الحادي عشر الميلادي – زمن إنفاذ حملتها على المهدية-  أفکارًا وأراءًا تنفث سموم البغضاء. نبتت هذه الأفکار في القسم الغربي من أوربا حيث دير کلونى فى فرنسا الذى کان قادته منذ القرن العاشر يشجعون جموع المسيحيين على التوجه إلى إسبانيا، للقتال ضد المسلمين، وطردهم نهائيًا منها، وهو ما تحقق فى القرن التاسع الهجري (الخامس عشر الميلادي).
   کما وجد أصحاب الآراء المتشددة تربة صالحة أيضًا فى بلاط البابوية التي اعتنقت بدورها مبادئ دير کلونى الإصلاحية، وتخلصت في النصف الثاني من القرن الحادى عشر من مشاکلها: التدخل العلماني في الشؤون الکنسية، وزواج رجال الدين، وبيع الوظائف الکنسية. وقد خاضت في سبيل ذلک حربًا شعواء ضد ملوک وحکام وأمراء أوربا، وحتى ضد الأساقفة الذين رفضوا بداية الأمر تنفيذ المراسيم البابوية.
  لم يُقلق توغل المسلمين فى البحر المتوسط البابوية فحسب، بل وازعج هذا الأمر المدن الإيطالية التي أصبح لديها منذ القرن العاشر الميلادى أساطيل قوية يمکنها القيام بأعباء حربية إلى جانب مهامها التجارية، ولذلک يمکن القول أن أوربا انشغلت من غربها إلى شرقها فى مشاريع عسکرية ضد المسلمين فى حوض البحر المتوسط، وکانت ميادين هذه الحروب في سواحل اليونان شرقًا، وفي إيطاليا، وصقلية، والأندلس غربًا، تلک المشاريع التى اصطلح البعض عليها اسم " الحرب المقدسة" أو "حرب الاسترداد" Guerre Sainte et Reconquête Chrétienne.

Keywords