Byzantine Prisoners of War in Persia, from the beginning of the Fourth Century to the beginning of the Seventh Century AD الأسرى البيزنطيون لدى الفرس من بداية القرن الرابع إلي بداية القرن السابع الميلاديين

Document Type : Original Article

Author

History Dept., Faculty of Arts, Helwan University, Cairo, Egypt.

Abstract

شهدت العصور الوسطى وما قبلها صراعاً دامياً بين الدولتين الکبيرتين البيزنطية والفارسية حيث اتسمت العلاقات بينهما في اغلب الأوقات  بالعداء والحروب المتکررة على مدى قرون عدة وکان الصراع بين الدولتين يتمحور حول مناطق النفوذ التي حاولت کل منهما بسط  السيطرة عليها ومد الحدود إليها, وکان خط الحدود بين الدولتين يمتد من "لازيقا" Lazica على البحر الأسود ومجرى  نهر دجلة شرقاً إلي الصحراء الغربية في فلسطين الثالثة غرباً بينما کانت أرمينية مقسمة بين الدولتين, عبر خط حدود يمر بمدينة "دارا" Dara المحصنة ومدينة "کالينکيوم "Callinicum ( الرقة ) على  نهر الفرات.
    لقد دارت حروب عديدة بين الروم والفرس في منطقة ما بين النهريين Mesoptamia و آسيا الصغرى و سوريا, ونتج عن تلک الحروب أسري من الجانبين, و يتناول البحث أوضاع الأسرى البيزنطيين لدى الفرس وکيفية معاملتهم وأوضاعهم داخل المعسکرات التي أعدوها لهم .
ونبدأ البحث من القرن الرابع الميلادي موضحين ما دار فيه من حروب وما نتج عنها من أعداد للأسرى وصولاً للقرن السابع الميلادي, وجاء اختيارنا لهذه الفترة لأنها تشهد بداية الدولة البيزنطية المنسلخة عن الإمبراطورية الرومانية القديمة وقد اعتبر البيزنطيون أنفسهم ورثة الرومان وظل مصطلح دولة الروم يطلق عليهم من جانب المصادر الإسلامية ,ومرورا بالقرن الخامس وصولاً للقرن السادس الميلادي وقد شهدا حروباً متکررة بين الجانبين البيزنطي والفارسي وزيادة عدد الاسرى من الجانبين, ونقف عند بدايات الفتح الإسلامي في القرن السابع والذي انهي دولة الفرس .
وقد اعتمدت في بحثي على عدد مناسب من المصادر المعاصرة وأخرى متأخرة حوت معلومات هامة جداً انفردت بذکرها, مما يملى على الباحثة الرجوع إليها رغم تأخرها عن الفترة موضوع البحث ومنها کتاب "المسعودي "و کتاب "الثعالبي". ومن أهم المصادر الغربية التي اعتمدت عليها کتاب "أميانوس مارکيللينوس"  Ammianus Marcelinus الذي رافق الإمبراطور "جوليان"  المرتدJulian the Apostate   (361-363م) في حملته  فيما وراء نهر الفرات في عام 363م وهکذا, وهو کتاب  من القرن الرابع  الميلادي مدون بأسلوب ملحمي في تتابع منطقي. وکتاب "سقراط" Socrates المؤرخ الکنسي والذي سجل في کتابه أنه يهدف  إلي تأليف تاريخ عن الديانة المسيحية في أسلوب متواضع. و"زوزيموس"Zosimus  من مؤرخي القرن الخامس والقرن السادس الميلاديين وکان وثنياً متحمساً لعبادة الأوثان وأهم جزء في کتابه فيما يخص البحث هو الکتاب الثالث وتناول فيه حروب الإمبراطورية البيزنطية ضد الإمبراطورية الفارسية خاصة في عهد "جوليان".
وفي القرن السادس وتحديداً في عهد "جستنيان" Justinian (527-565م) نجد أن مؤلفات بروکوبيوس Procopius, قد غطت الأحداث بشکل وافي، فکتابه عن تاريخ الحروب , عبارة عن ثمانية کتب , يحکي الکتاب الأول والثاني عن "الحروب الفارسية" The Persian War وقسمت إلي الحرب الفارسية الأولي من عام 527م إلي عام 540م، والحرب الفارسية الثانية من عام 540م إلي عام 554م. وقد خلفت تلک الحروب أعداد غفيرة من الأسرى من الجانبيين, وبانتهاء الحرب کان يتم عقد معاهدة صلح وإقرار للسلام لعدة سنوات يعقبها تبادل للأسرى, أو تقديم  فدية نظير إطلاق سراحهم.
وتأتي أهمية البحث حول کيفية معاملة الفرس للأسرى البيزنطيين في هذه الحقبة, لأهميتها في تاريخ العلاقات السياسية والعسکرية بين البيزنطيين والفرس, وکثرة المعارک بين الجانبيين وبالتالي کثرة أعداد الأسرى, والتطرق لشرح الظروف التي عاشها الأسرى البيزنطيون في فترة أسرهم لدى الفرس وبهذا نتعرض لموضوع لم يسبق دراسته
والدراسات السابقة حول الموضوع نادرة وما وجد منها فهو يرتبط ببعض الأفکار الواردة في البحث وليس بالمجمل, ومنها بحث بعنوان "دور الرهائن الرومان في الدبلوماسية الرومانية مع بلاد فارس الساسانية" وهو من أعدادA. D.Lee.  ونُشر عام 1991م.
ومن أهم النقاط التي نتناولها في البحث عمليات الأسر وأعداد الأسرى مع بحث الظاهرة التي اعتادها الفرس وهي بناء معسکرات للأسرى و نقلهم إلي داخل المدن الفارسية, لذا اهتمت الباحث  بتلک البنايات التي أوت الأسرى البيزنطيين ثم کيفية معاملة الفرس لهم في الحقبة الزمنية موضوع الدراسة من خلال عرض للحياة الاجتماعية والدينية لهؤلاء الأسرى, ونتطرق لنقطة هامة جداً ألا وهي مدى الاستفادة من خبرات ومهارات الأسرى, ثم عمليات تبادل الأسرى أو الفداء ونوضحها خلال البحث مع شرح واف لنتائج ذلک .
ولابد من أن نمهد لمثل هذه الدراسة بمقدمة تتناول عرضاً موجزاً للموضوع في الفترة السابقة للبحث وبالفعل قد وجدنا عدداً من ملوک الفرس قد اتبع سياسة نقل الأسرى لمعسکرات داخل بلاد فارس وذلک بدأً من عهد الملک "أردشير الأول" l   Ardashir(224-242م). وفي عهد  الملک "سابور الأول" Sapor l (242-272م)تم أسر أعدادا کبيرة من سکان أنطاکية وعدداً آخر من سکان المدن البيزنطية مثل "طرسوس" و"نصيبين" Nisibis ، فقد أغار على "قبدوقيا" و" أنطاکية " التي غزاها مرتين في أعوام 253م و256م وأجلى سکانها إلي بلاد فارس ومن بينهم بطريرک إنطاکية المدعو "ديمتريانس" Dimitrians فقد نقلهم ملک الفرس کغنائم حرب إلي داخل مدن فارسية مثل (نرسيس Nerses وخوزستان   Khuzestan وبابلونياPablona) وأصبحوا رعايا يمتلکهم الملک الفارسي. وهناک إشارات تفيد بحسن معاملة "سابور" لهم، فقد احتفظ الأسرى بهويتهم ولغتهم وديانتهم، وکان ضمن الأسرى عددا من رجال الدين وقساوسة الکنيسة مما جعلهم بمثابة کهنة للأسرى، وقد سمح لهم الفرس بممارسة شعائرهم الدينية. وعلي النقيض من هذا نجده يسيء معاملة أسيره الإمبراطور "فاليريان" Valerian ( 253-260م).