The Impact of Ibn Burjan on the Movement of Al-Mourydin in Andalusia أثر ابن برجان في حرکة المريدين بالأندلس

Document Type : Original Article

Author

History Dept., Faculty of Arts, Ain Shams University, Egypt.

Abstract

شهد القرن السادس الهجرى ظهور أهم مدرسة صوفية عرفها الغرب الإسلامي، وهى مدرسة الميرية الوارثة لأراء " ابن مسرة " ومدرسته الزهرية الصوفية الفلسفية، التي مثلت منعطفاً هاماً في تاريخ الفکر الإسلامي في هذه الناحية، وقد کان لأقطاب مدرسة المرية   – وعلى رأسهم ابن برجان – أثر بالغ الأهمية في تحقيق قفزة سريعة بالتصوف الفلسفي بالغرب الإسلامي ونقله من المرحلة الابتدائية التي کونها ابن مسرة – بوضع الأسس الأولى للفکر الصوفي والفلسفي على حد سواء – إلى مرحلة وسطى ساعدت على إزدهاره ؛ حاولوا فيها التوحيد بين الأفکار الصوفية والفلسفية من أجل إبراز نظرية في الوجود قائمة على الوحدة في مدارجها الأولى.
وابن برجان هو أبو الحکم عبد السلام بن عبد الرحمن بن أبى الرجال اللخمى الإفريقى ثم الإشبيلى العارف شيخ الصوفية، يذکر عنه ابن الزبير أنه کان " إماماً في علم الکلام، ولغات العرب والأدب، عارفاً بالتأويل والتفسير، نحويا بارعاً، نقاداً ماهراً، إماماً في کل ما ذکر، لا يماثل بقرين، مشارکاً في علم الحساب والهندسة، وغير ذلک"، إلا أنه کان مؤثراً لطريقة التصوف وعلم الباطن، متصرفا في کل ذلک ؛ عارفا بمذاهب الناس متقيداً في نظره بظواهر الکتاب والسنة بريئاً من تعمق الباطنية بعيداً عن قحة الظاهرية، شديد التمسک بالکتاب والسنة، جاريا في تأويل ذلک على طريق السلف وعلماء المسلمين .
عده ابن خلدون من أصحاب مذهب التجلى، عند تقسيمه لکلام الصوفية إلى أربعة مواضيع أحدهما الکلام على مجاهدات القوى والاستقامة، وثانيهما مجاهدة المشاهدة او الکلام في الکشف، وثالثهما في المواجد، ورابعهما في التصرفات، فهو يرجع مذهب أهل المکاشفة إلى رأيين ، رأى أصحاب التجلى، ورأى أصحاب الوحدة. فيقول " رأى أصحاب مذهب التجلى، والمظاهر، والأسماء، والحضرات، وهو رأى غريب فيلسوفي الإشارة، ومن أشهر المتذهبين به ابن الفارض وابن برجان وابن قسى "، وابن برجان ومتصوفي تلک الفترة ممن يعنون بعلوم المکاشفة و" عکفوا على الکلام فيها، وصيروها من قبيل العلوم والاصطلاحات، وسلکوا فيها تعليماً خاصاً، ورتبوا الموجودات على ما انکشف لهم ترتيباً خاصاً، يدعون فيه الوجدان والمشاهدة، وربما زعم بعضهم في ذلک غير ما زعمه الآخرون، فتعددت المذاهب، واختلفت النحل والأهواء، وتباينت الطرق والمسالک، وتحيزت الطوائف، وصار اسم التصوف مختصا بعلوم المکاشفة، والبحث على طريقة العلوم الاصطلاحية الکسبية، عن اسرار الملکوت، والإبانة عن حقائق الوجود، والوقوف على حکمته وأسراره". وذکر ابن خلدون اعتقادهم الخاص بالتجلى " وحاصلته في ترتيب صدور الموجودات عن الواجب الحق ، أن أنية الحق هى الوحدة، وأن الوحدة نشأت عنها الأحدية والواحدية، وهما اعتباران للوحدة، لأنها إن أخذت من حيث سقوط الکثرة وانتفاء الاعتبارات فهى الأحدية، وإن أخذت من حيث اعتبار الکثرة والحقائق غير المتناهية فهى الواحدية، ونسبة الواحدية إلى الأحدية، نسبة الظاهر إلى الباطن، والشهادة إلى الغيب، فهى مظهر للأحدية بمنزلة المظهر المتجلى، ثم تلک الوحدة الجامعة التي هى عين الذات وعين قبولها الاعتبارين أعني اعتبار الباطن وتوحده عن الکثرة، واعتبار الباطن وتکثره، فهى بين البطون والظهور کالمتحدث في نفسه مع نفسه، ثم أول مراتب الظهور ظهوره لنفسه، وأول متعلق الظهور الکمال الأسمائى للحديث مع نفسه، وأول التجليات تجلى الذات الأقدس على نفسه، وينقلون في هذا حديثاً نبويا يجعلونه أصل نحلتهم، وهو ، کنت کنزاً مخفياً فأحببت أن أعرف فخلفت الخلق ليعرفونى، والله أعلم بصحته .. ثم تضمن هذا التجلى عندهم الکمال، وهو إفاضة الايجاد والظهور، وليس هو من حيث الأحدية التي هى سلب الکثرة، بل ؛ من حيث الواحدية التي هى المظهر وينقسم إلى کمال وجدانى، وکمال أسمائى ؛ لأن تلک الکثرة إن إعتبرت من حيث حصولها جميعاً في دفعة واحدة، وعينا واحدة في شهود الحق، فهو الکمال الوجدانى، وإن اعتبرت من حيث التفصيل في الحقائق والاعتبارات، والتنزل في الوجود، وإنها البرزخ الجامع لتلک الأفراد المنفصلة، فهو الکمال الأسمائى المنزل تفصيله في الحقائق ؛ وهذه عندهم هى عالم المعانى والحضرة العمائية، وهى الحقيقة المحمدية، ومن اعيان کثرتها حقيقة القلم واللوح، ثم حقيقة الطبيعة، ثم حقيقة الجسم، إلى أن ينتهى إلى آدم حقيقة ووجوداً، وتشتمل الحضرة العمائية عندهم من حيث اعتبار الکثرة والتفصيل على الحقائق السبعة الأسمائية التي هى الصفات، وأشملها وأوعيها حقيقة الحياة. ثم حقائق الأنبياء والرسل والکمل من المحمديين الذين هم الأقطاب وعلى حقائق الأبدال السبعة، وهى کلها تفصيل الحقيقة المحمدية، ثم تتفرع من الحقائق التي هى الأصول والمناشئ حقائق أخرى، وتجليات ومظاهر للذات الأحدية..."

Keywords