Highlights on the Captives of the Arabs in the Days of Ignorance أضواء على الأسرى عند العرب في العصر الجاهلي

Document Type : Original Article

Author

History Dept., Faculty of Shari'a, Umm Al-Qura University, Makka, Saudi Arabia.

Abstract

لا شک أن الطبيعة لعبت دوراً بارزاً في حياة العرب, وأثرت في حياتهم السياسية والاجتماعية, فطبيعة أرضهم القاحلة، حددت لهم سبل معيشتهم، وجعلت من مهنة رعي الأغنام والإبل، مهنتهم الرئيسية، ودفعتهم في سبيل الحفاظ عليها إلي تتبع موارد المياه ومواطن الکلأ لرعي ماشيتهم، والانتفاع منها، حتى إذا ما أصابها الجفاف، والقحط، وقلة الأمطار لجئوا إلى الإغارة والغزو ودفعتهم للحرب، وجعلت منه محارباً، وجعل من تلک الحروب والمعارک، عادة مألوفة وسنة معروفة " يثيرها لأوهن الأسباب، ويشنها لأدنا الأحداث "
        إلا أن ذلک لا ينفي السمات الشخصية التي تفرد بها العربي من حماية الجار، والنفر من العار، والأخذ بالثأر، والاعتزاز بالعصبية القبلية والقرابة، والمفاخرة والمناظرة، والإباء، والشمم، وعلى أية حال، فلقد کان للعرب الکثير من الوقائع العظيمة التي هاجت قبائلهم وأثارت عصبيتهم، وتحدث عنها شعرائهم، وعرفت في مصادرهم" بأيام العرب ", التي کانت لهم مآثر الجاهلية ومکارم الأخلاق السنية. وکانت بحق مصدراً خصيباً، لتأريخهم، بما اشتملت عليه من طرائف القصص والوقائع والإحداث، وتعد مرآة صافية لأحوالهم ومصدر توثيق لحياتهم في الحرب والسلم، والاجتماع والفرقة، وفي الأسر والفداء، والنجعه والاستقرار بالإضافة إلى کونها مرآة صادقة أيضاً لفضائلهم، وشيمهم في الدفاع عن أعراضهم، والوفاء بالعهود، والحمية والصبر في القتال، والصدق عند اللقاء.
      وسميت حروبهم أياماً لأنهم، کانوا يحاربون نهاراً، حتى إذا حنى الليل أوقفوا القتال حتى الصباح   فالحرب بالنسبة للعرب في العصر الجاهلي, منهاج حياة، وحب القتال مغروساً في نفوسهم، مع حب السيطرة والغلبة، والوصول إلى ذلک بشتى الطرق حتى وإن کانت عن طريق البغي والبطش والعدوان، وأن الميتة الکريمة في نظرهم هي الميتة في ميدان القتال, ولقد اتسمت حروبهم بالکر والفر فيهجمون على عدوهم ثم يتراجعون مسرعين وکأنهم فروا خوفاً، ثم لم يلبثوا أن يعاودوا الکرة, ومع ذلک فقد کانت العرب تقول: " إن الحرب غشوم " لأنها تنال غير الجاني، وتصيب أناساً لا علاقة لهم، ولا صلة، ولا تفرق بين الجاني وبين ما لا ذنب له, وعادة ما تسمى حروبهم ( أيامهم ) بأسماء المواقع والأماکن التي قامت عليها، أو بأسماء الآبار والجبال، أو الأودية التي نشبت حولها، أو بأسماء من أحدث إشعالها، کالبسوس أو داحس والغبراء.
      إن من الأهمية بمکان الإشارة إلى أن أيام العرب دونت بشکل غير منسق أو مبوب لا على حسب وقوعها ولا على حسب حدوثها، کما أننا لا نجد حصر لأعدادها، فهناک من جعلها 750 يوماً، أو 1200 يوم، ويقال أن أبي الفرج الأصفهاني ألف کتابا جمع فيه أکثر من 1700 يوم من أيام العرب.کما جاء عن ابن الأثير. غير أنه لم يذکر من أيام العرب إلا المشهورة، معللاً ذلک بأنه سار على منهج الطبري، الذي لم يذکر إلا المشهور من أيام العرب وترک ما دون ذلک، بقوله " ونحن نذکر الأيام المشهورة والوقائع المذکورة التي اشتملت على جمع کثير وقتال شديد، ولم أعرج على ذکر غارات تشتمل على النفر اليسير لأنه يکثر ويخرج عن الحصر ".
      وفي هذه الدراسة يهدف الباحث من خلال دراسة أيام العرب في العصر الجاهلي إلى التعرف على أحد أهم أهداف ونتائج تلک الأيام وهو الأسرى، لما لهذا الهدف من مکانة خاصة لدى محاربي القبائل العربية في ذلک العصر, حيث لعب دوراً هاماً في حياتهم السياسية والاجتماعية وکان لأخذ الأسير ومعاملته، وإطلاق سراحه (فدائه) حدثاً هاماً من أحداث تلک الأيام, في محيط جزيرتهم. ويجد الباحث أنه من الأهمية قبل الحديث عن أخذ الأسير ومعاملته التعرف على لفظة أسير.

Keywords