نللي حنا، ما بين إمبراطوريتين، مصر في القرن السادس عشر، ترجمة مجدي جرجس، القاهرة: الدار المصرية اللبنانية، 2024..........................عرض د. طارق منصور Nelly Hanna, Between Two Empires, Egypt in the Sixteenth Century, Arabic trans. Magdy Girgis, Cairo: Al-Dar al-Massriyyah al-Libnaniyyah, 2014

Document Type : Original Article

Author

Dept. of History, Faculty of Arts, Ain Shams University

Abstract

حين وردت الأخبار إلى السلطان قانصوه الغوري، سلطان مصر والشام والحجاز زمن المماليك، عن خروج سليم الأول، سلطان الأتراك العثمانيين، لملاقاته، وغزو مصر والشام، لم يكن في الحسبان أن هذه هي الأيام الأخيرة في حكم سلاطين المماليك، وأن شمس هذه الإمبراطورية (إن جاز التعبير) سوف تزول. وربما لم يكن بحسبان سليم الأول نفسه أن شكل إمبراطوريته (إن جاز التعبير) سوف يتغير تمامًا بدخول مصر والشام وبلاد الحجاز إلى حوزته، وأنه سيملك خزائن الأرض بامتلاكه تلك البلاد الشاسعة، الثرية، ثراءً فاحشًا، جعله يستعرض ما استولى عليه منها ومن بقية الأقاليم في ساحة مضمار الخيل (الهيبودروموس) في إسطنبول، ليلهب أفئدة شعبه بما أصابهم من مال وفير، وجواهر ثمينة، وأثواب حريرية، وأسلحة مرصعة بالجواهر، وخيام مزخرفة، وسلطة ممتدة، وغيرها. (ص 96)
إن هذا المشهد الذي تصفه المؤلفة في كتابها البديع، محل العرض، يجعلنا ندرك حجم الإقفار الذي أصاب البلاد في ظل الإحتلال العثماني، على الأقل خلال العقود الأولى من دخولهم البلاد، التي ما كانوا يتخيلون أنها بهذا الثراء، حتى أن سليم الأول أمر بتفكيك الأعمدة الرخامية من مباني الأمراء المماليك في القلعة، وهاجم بيوت السلاطين والأمراء المماليك وقصورهم، وقام بنهب محتوياتها وتجريدها، كما قام بالاستيلاء على خزائن الكتب والمخطوطات منها وقام بشحنها إلى إسطنبول، ليترك مصر خلفه أرضًا ينعق البوم فيها الطلولا، بعد أن نزع العثمانيون عنها ثوب العفة، واغتصبوها عنوة أمام أبنائها. وتدلل المؤلفة على هذا بشهادة بليغة معبرة عن الوضع في القاهرة بعد دخول الأتراك العثمانيين إليها بفترة قصيرة، وهي شهادة قاضي القضاة العثماني صالح جلال زاده، الذي تولى منصبه أثناء فترة تولي أخيه مصطفى جلال زادة أمور الديوان الهيمايوني، حيث سجل ما رآه في القاهرة عام 1544م، قائلا: "إن معظم أبوابها وجدرانها وأزقتها وأسواقها خربة وأطلال، تغط في القذارة والرمال والأتربة، تعبث الطيور في كل ركن فيها، تبدو المدينة وكأنها كهل في السبعين من عمره، وتتراص منازلها في فوضى يصعب السيطرة عليها". (ص 95)

Keywords